الأحد، ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٠

استفزاز الحجر

 استفزاز الحجر ...

من فترة ..وأنا فى حالة كمون ...وعدم رغبة فى التفاعل مع أى شيء
غالبا هى حالة نفسية .. تلزمنى حدود نفسى ...مراجعا ..متأملا ...صامتا ..
ثم ..وفجأة ...
أجد ما يستفزنى ...بل ما يستفز الحجر..
مثلا :
ونحن صغار كنا نحب الكرة ...ونشجع الأندية ..
باختصار ..تأكدنا أن الأندية الرياضية ..خاصة الكبيرة ..لاتستحق تشجيع الجماهير..ولا ولاءهم ..ولا فلوسهم ...التى اقتطعوها من خبز أبنائهم..
عرفنا أن الأندية أماكن ترفيهية لعلية القوم وكبارهم نفوذا وثراء ..وأنها بؤر للفساد المالى والادارى والأخلاقى.....فيها يتريضون ويروحون عن أنفسهم ..كى يتسنى لهم هضم ما قضموه من لحمنا الحى...وشربوا عليه من دمائنا..
وعرفنا أن الصراع بين الأندية لايمت الى التنافس الرياضى الشريف النزيه ..انما هو اثارة مصنوعة ..والهاء متعمد ..وغبار ملون يعمى الأبصار عن حقائق الأمور ...وأولويات الحياة ..
وأدركنا أن التحفيل المتبادل بين عنصرى الأمة (الأهلى والزمالك ..) عقب كل مباراة ...ما هو الا بث لروح الكراهية والبغض ..يتنافى مع كل قيم الروح الرياضية ومبادئ الأخلاق والمواطنة ...
حتى وصل الأمر الى ممارسات عنصرية بغيضة ..مجرمة دينا وقانونا فى كل المجتمعات وكل الأعراف ...والى تنمر ..واعتداء سافر على الأعراض ..
كل هذا يتم جهارا ..وعيانا بيانا ..من جماهير ..وليس (أفراد)...وعلى مرأى ومسمع ..من كل الجهات ...وكأننا فى غابة ...أو فى عودة الى أزمان سحيقة من الجهل والجاهلية والجهالة ....
وتحت رعاية اعلامية ...غير أمينة ولاشريفة ...وفى ظل عمى من أجهزة معنية بكل شيء..الا أمن وسلامة ..وتقدم هذا البلد...

الجمعة، ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٠

صلوا عليه...

 الأرض كانت مظلمة

والنفوس كانت قاحلة جرداء معتمة
لم يكن هناك من يقول: اقرأ
ولا سبحان ربى الأعظم
الذى علم الانسان مالم يعلم
لم تعرف الدنيا رجلا وحده يواجه العالم بأسره...فيعانى ...
فيعرض عليه الخلصاء :المال والجاه والسلطة ..كى يستريح..
فيلقى بكل المغريات..ويتمسك بالحق..
والله يا عم :لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى شمالى ،على أن أترك هذا الأمر ما تركته.!!
ولم يعرف الناس منتصرا بعد الأذى ...
يقول لمن آذوه وعذبوه:اذهبوا فأنتم الطلقاء..
لم تعرف الدنيا رجلا على يقين أن الله اصطفاه من سائر الوجود..
فيقول لمن يعظمه:انما انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد
لم تعرف البشرية مثله...فى الصدق مع الله...وفى الهداية والرحمة والخير للانسانية
(وما أرسلناك الا رحمة للعالمين)
أشيروا اليه فى قلوبكم..وصلوا عليه ملء جوارحكم
صلى الله عليه وسلم

الخميس، ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠

 الرقم الصعب ...(5)

أحب نفسه ملتزما بتشكيلة من الأفكار التى لاتستهوى الكثيرين ..
منها على سبيل المثال الزهد فى المواقع القيادية فى مجال عمله ..حتى ولو تقلدها من هم أدناه ..وكثيرا ما قال لزملائه:
- (الحمد لله ...مجال عملنا خال من الغنائم ..وليس فى السلم الوظيفى المتاح لنا درجة ترضى طموح طامح..أو تشبع نهم طامع ..الا مكان واحد ..أشعر فيه برضا ربنا ...انه المكان الذى أقف فيه أمام تلاميذى أمسك بالطباشير ..وأطبع نتاج عقلى وقلبى على السبورة ..متاحا لمن يريد من تلاميذى ),,
ثم يعقب ..:(ليس فى سلمنا الوظيفى درجة أشتهيها أو أتوق اليها ..)
وكان لايخفى عليه التباين الشديد فى استقبال الزملاء لهذه المقولات التى يدرك أنها لاتتسم بالعملية والواقعية ..
أما معاركه الدائمة فى محيط العمل فكانت تدور حول فكرة (الغش) وفكرة (المساواة وتكافؤ الفرص )بين التلاميذ بنزاهة وحياد..وربما كان لذلك جذور قديمة أيام التلمذة ..لأنه كان يكره تمييز بعض المعلمين لبعض التلاميذ لاعتبارات ذاتية ..
ولأنه لايسعى الى فرص ..فالفرص تجنبته أيضا ..فرص الترقى ..والامتيازات ,,وو..
وعقب ثورة يناير ..اجتاحت البلاد موجة عابرة من انتعاش الضمير العام ..ويبدو أن هذه الموجة نثرت رذاذها على وزارة التربية والتعليم ..فانتحى المحاسيب جانبا (الى حين )وكذلك المتسلقون ..ومن على الشاكلة ..وأراد البعض أن تعطى بعض الحقوق لأصحابها ..
تسلم الاخطار الهام :(تم تكليفك رئيسا للجنة الثانوية العامة بمحافظة ..........)
اللجنة ضخمة تتوسط عاصمة المحافظة .......والله المستعان ..
بدأ العمل والتجهيز ..ودراسة التعليمات وكل ما يتعلق بهذا العمل الدقيق..واستمر منهمكا فى العمل حتى وقت متأخر..عاد الى الاستراحة ..وهى واحدة من مدارس المدينة ..وقبل أن تكون مدرسة كانت فيللا يبدو فى معمارها الجمال والأناقة والفخامة ..وفى خلفها حديقة صغيرة لكنها رائعة ..
استراح قليلا ..ثم نزل الى (الهول الأرضى )حيث يتواجد زملاء العمل متحلقين حول التليفزيون لمتابعة برامج (التوك شو )المسائية والتى كانت موضع اهتمام الكافة ..فى تلك الفترة ..اذ تقوم بتغطية الأحداث المتلاحقة والتعليق عليها ..
كان الناس يتابعون ذلك فى مجالسهم بلهفة واهتمام ..ثم يتبعون ذلك دائما بجدال هادئ أحيانا ..صاخب كثيرا ..
كان يدرك الاتجاهات البارزة على الساحة المجتمعية التى تغلى وتفور ..
وكان يعلم بمدى الاستقظاب الحاد نحو تلك المحاور التى تزداد تباعدا ..وحدة ..وعدائية ..
هذا شاب ثلاثينى غاضب مما يجرى فى البلد ..ومما آلت اليه الأحداث بعد ثورة يناير ..التى يقول عنها بفخر ..أنها أمجد أيام الوطن ..وأنها كانت فرصة تاريخية لأن تنفض مصر عن نفسها غبارقرون الضياع والتخلف..وتلحق بركب العالم المتقدم ان هى حققت أهداف الثورة وشعاراتها فى الحرية التى هى أساس الابداع ..والعدالة التى هى رمانة الميزان ..والكرامة التى هى حق الانسان الأول كما أراده الله ..
بينما زميله الأخوانى..يرى أن عزة الوطن لاتكون الا تحت راية الدين ...ولابد أن يكون المسلمون تحت راية واحدة هى راية الخلافة المفقودة ..والتى يجاهد الاخوان ليعيدوها ..وما الثورة الا الخطوة الأولى نحو هذا الهدف المقدس ...وأن مصر هى المحطة الأولى ومنها يكون الانطلاق..
ولم يتوان الطرف الثالث عن تسجيل رؤيته فى هذه المحاورة التلقائية..ولم ينس المتحدث أن يؤكد على الواقعية والعقلانية ..وكأنه يوصم محاوريه بالغلو والافتعال ..ويركز على أن البلد تقوم على ثوابت اجتماعية وتاريخية تضيع البلاد اذا ما اختلت عنها ..ووضح هذا بأهمية الحفاظ على استقرار الطبقات الاجتماعية ..فالكبير كبير ..والصغير صغير ..(كما قال )..وجيش مصر هو رأسها ..وعمادها ..وحاميها..ومؤسسات الدولة التى أسماها (السيادية )..يجب أن تحاط بالحصانة..
.....
كان يتابع الحوار بكل الاهتمام ..ولم يرغب فى المشاركة وابداء رأي ما ...وكان يرى أن هذا التفاعل بين الأفكار والتيارات والاتجاهات مهما كان اختلافها ..هو أمر جيد ..ولا بد أن يعود على البلد بالفائدة ..وهو تعبير عن الحيوية ..وأن العقول قد أفاقت أخيرا من نومتها التى طالت كثيرا ..
لكن ما استرعى انتباهه ..أن حالة الاستقطاب قد طغت على حالة الاستفاقة ..وأن الزملاء قد بدأوا يأتلفون على حسب آرائهم التى استعرضوها معا ..بات الثورى يقترب من الثورى ..والاخوانى يتعصب للأخوانى ..والطرف الثالث يضم بعضه الى بعض ..
فلما كان الصباح وبدأ العمل فى اللجنة الكبيرة ..رأى بوادر انعكاس مناقشات المساء على سير العمل ..وعلاقات الزملاء ..حينئذ كانت دعوته الى اجتماع سريع وهام :
- الزملاء الكرام جميعا ..استفدت فى المساء بآرائكم والتى ذهب فيها كل منكم الى ما يشاء ..
- لكننا هنا الآن على عقل وقلب رجل واحد لهدف واحد ...كالحرب تماما ..لامجال فى هذه اللحظة للتمييز فيما بيننا على أساس ما يعتقد به ..أو يرتئيه ..أو التيار الذى ينتمى اليه
- التمييز هنا على أساس الكفاءة والالتزام والقدرة على تحقيق المهمة ..
- لايعنينى هنا من هو الثورى ومن هو الوطنى ومن هو المتدين ..بل ولا من هو المسلم منكم وغير المسلم ...
- الذى يعنينا جميعا أن نؤدى عملنا بفهم ونزاهة ونجاح ..وبأقل قدر من الأخطاء اليسيرة ..شريطة تداركها الفورى أما الأخطاء التى تؤثر فى صميم مهمتنا ...فهى حرام على وعليكم ...
**************************************************
الرقم الصعب فى اللقاء القادم
أم شادي ومحمود سعده

السبت، ٧ نوفمبر ٢٠٢٠

الرقم الصعب 4

 الرقم الصعب......(4)

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
كان الباشا قد انتهى من رشف فنجان القهوة ..فاعتدل فى جلسته المسترخية ..وبادر الجميع بسؤاله:
- هل تتوقعون أن ينجح الاخوان فى تحقيق أهدافهم؟
- راضى بك :- هم نجحوا بالفعل ..وماشيين فى أخونة الدولة..والتمكين لأتباعهم..وابعاد معارضيهم ..وتطبيق الفاشية الدينية بصورة بشعة ..شوف الاعلان الدستورى الاخوانى ..شئ مخيف
- د. خالد .. كل ممارسات الاخوان الخطيرة ..ما ظهرتش كلها ..لأن ارتباطاتهم الخارجية جزء من منهجهم وعقيدتهم .وحكمهم لمصر مجرد مقدمة وبداية لمشروعهم الكبير اللى الغالبية ما تعرفش حاجة عنه..ولا عن حلفائهم خارج مصر..مشروعهم يناقض الوطنية المصرية ..وأهدافهم ليست فى صالح الشعب المصرى ..وهى ضد حركة التاريخ والتطور السياسى والاجتماعى..وكفاية انها بتقوم على استغلال الدين والاتجار به لتحقيق الغايات السياسية ..يعنى تسييس الدين ..مش تديين السياسة ..زى ما بيدعوا ,,
- راضى بك:- لكن يادكتور الشعب هو اللى اختارهم فى الانتخابات ..لأن الشعب متدين ..
ثم ضحك وهو يواصل كلامه:
شوف الناس سابت دقونها عشان تجاريهم ..كلهم بقوا اخوان ..
- د. خالد :- الديمقراطية مش مجرد صندوق انتخابات ..دى ثقافة متكاملة ..ومجاراة الناس للاخوان مش معناه انتماؤهم وايمانهم بمشروع الاخوان ..المسألة دى لها علاقة بأن الناس عايزة تمشى أمور حياتها ..الناس ها تعرف الاخوان على حقيقتهم بالممارسة ...
قاطعه الباشا قائلا:- هى دى ..
الاخوان كان لازم يحكموا عشان ينكشفوا ..والناس ما تبقاش مخدوعة فيهم طول الوقت ..
الهانم :- وبعد كدا..ايه اللى ممكن يحصل ؟!هيفضلوا كابسين على نفسنا طول العمر ..وموقفين مراكبنا السايرة..
الباشا:_الناس ها تتخلى عنهم وترفضهم..الدولة واعية لهم جدا ..وهاينزلوا من ع الكرسى ..
مجدى بك وكأنه يطلق نكتة:- قوم ايه ..شوية العيال الثورجية يخدوها مقشرة ؟!
الباشا:_أمال احنا فين يابك ..ودورنا ايه فى البلد ..؟
الأخوان يفشلوا ,,والثورجية يشتتوا ..ويغوروا ..والأوضاع تستقر ..والأمور تبقى تحت السيطرة..
اتخذ الدكتور خالد سمة الجدية ؟؟وقال موجها كلامه الى الباشا:
- معالى الباشا :عندى وعند الكثيرين علامة استفهام كبيرة ..ياريت ألاقى عند معاليك اضاءة ..
احنا متفقين على أن الاخوان مش جديرين بحكم مصر ..الناس اللى انتخبتهم على أساس أنهم بتوع ربنا وها يعدلوا المايلة فى العهود اللى فاتت ..مش كانوا عارفين حقيقة الاخوان ..لكن أجهزة الدولة المعنية عارفه كل حاجة عنهم ..
طيب ليه عند الناس احساس كبير بأن الأجهزة دى ساعدت الاخوان ..ومهدت طريقهم للوصول للسلطة ..وانحازت معاهم ضد القوى السياسية فى المجتمع؟
تقمص الباشا الدور الذى يحبه ..وأجاب بالطريقة التى يهواها:
- اسمع يا دكتورنا العزيز ...
- لما سفط مبارك ..كان الكل فى حالة ارتباك ..حتى أجهزة الدولة ..حتى اللى بيسموا نفسهم ثوار ..ما كانوش منظمين ..ولا عارفين هم عاوزين ايه بالتحديد ..وما لهومش قيادة ..بعكس الاخوان ..اللى انتهزوا الفرصة وركبوا الثورة ع الجاهز ..
الاخوان طمعوا وشافوا ان دا الظرف المناسب للانقضاض على كل شئ ..وتصوروا انهم يقدروا ..
الحقيقة كانت غير كدا ..واحنا كنا عارفين ..شدوا الحبل ..احنا سيبنا لهم الحبل ..واحنا عارفين انهم هايشنقوا به نفسهم ..!!
- الهانم ..لكن هم تمكنوا منا وخانقين البلد ..ومش باين حاجة تانية ..
- الباشا بثقة :- بكرة نشوف..!!
.................................*****************************
الرقم الصعب ....فى اللقاء القادم

الأربعاء، ٤ نوفمبر ٢٠٢٠

الرقم الصعب

 الرقم الصعب...!!!............(1)

أسرع الخادم ليخبر الهانم أن الباشا الذى تنتظره على أحر من الجمر قد وصل للتو ..
وكانت لما استبد بها القلق من الانتظار خرجت الى تراس الفيللا الذى يطل على مجموعة من الأشجار الكثيفة تحيط بالبيسيه..
الكلب الصديق يدور حول مقعدها وكأن حمى القلق قد انتقلت اليه...
وقبل أن يصعد الباشا الدرج الى التراس بادرته قائلة :
_ كنت فين كل هذا الوقت ؟ وعملت ايه؟
_ الأمور مش تمام ..والدنيا ملخبطة ..ما حدش عارف البلد رايحة فين ..ولا مين اللى بيحكمها ...فوضى ..!!
_ يعنى الولد هايضيع مننا ..ومش هانعرف نعمل له حاجة ؟
_أنا هاصرف..
صاحت فى غضب :
_ومستشار الوزير هايتفرج علينا ؟أمال احنا حطينه هناك يهبب ايه ؟
حاول أن يهدئ من انفعالها ..فقال:
اللى حصل فى البلد أربك البعض..بس الدنيا مش هاتقف ..واحنا مش هانسلم ...
قالت فى تحد : هانسلم لشوية الجرابيع ..؟؟ مش ممكن ..والولد لازم يمتحن فى المكان اللى حابه ..ويجيب المجموع اللى عاوزه ..رغم أنف الجميع ..والثورة بتاعتهم يشبعوا بيها..
عاشت حياتها على هذا المنوال ..لاشئ فى الدنيا ترغبه ..وتقصر يداها عنه ..منذ كانت طفلة ..ورغباتها لابد أن ترتمى تحت قدميها خاضعة ..ولما تزوجت الباشا ..كانت الرغبات مهما كانت استحالتها ..وتحقيقها مهما كانت صعوبته..أصبحت نوعا من الادمان تحب أن تمارسه طول الوقت ..وأورثت أبناءها هذا الأسلوب ..
قال مطمئنا : قدامنا أكتر من طريقة بعد ما قفلوا لجنتنا اللى فى الصعيد..نقدر نجيب له أحسن ورق اجابة من الكنترول ..زى أخته (سوزى )من كام سنة ..والراجل بتاعنا لسه موجود ..بس سانن سنانه ..وأنا هددته ..هاطربق الدنيا فوق دماغه لو مانفذش..
قالت مؤيدة:
أيوه ..روحه فى ايدنا ..ولو عمل فيها شريف ..يبقى قضى على عمره..
أراد أن يثبت لها قدراته الفائقة .فى ادارة الأزمات ..ويزيل أثر كلامه المحبط فى البدايةفقال بثقةا:
_ومع ذلك ..فيه قدامنا بدائل تانية ..حد من رجالى بيخطط لها ..
كانت هذه طريقتة فى التعامل وأسلوبه فى الحياة ..يضخم المشكلة فى البداية ..ثم يرتدى ثوب البطولة ..وهو يقوم بحلها..
سألت بلهفة ..:
_ قول لى ايه هى ..
قال وهو يهم بالانصراف :
ماتقلقيش...اللى احنا عاوزينه هايكون بأى وسيلة ...جوزك مش شوية فى البلد ..أنا رايح أقابله وهاعرف التفاصيل ...قولى لتوتو ..مايتوترش ..
ثم أنهى لكلام بالجملة المعتادة له :
_كله هايبقى تحت السيطرة ..
ثم غادر المكان..
__________________________

الثلاثاء، ٣ نوفمبر ٢٠٢٠

الرقم السهل

 (والله العظيم أقول بالحق)...

ا- لرقم السهل -
يوم التخرج ليس ككل الأيام ..انه يوم الحصاد..بعد طول تعب ومعاناة ..
وهو (كانسان)ليس كغيره أيضا ..فاذا كانت معاناة الناس فى تحصيل غاياتهم المشروعة قيراطا ..فمعاناته ألف قيراط ..
زملاؤه فى الدراسة وأقرانه يمشون ويلعبون ويعملون ..وينامون ..
لكن الأقدار كتبت عليه أن يكون كل ذلك بالنسبة له هما كبيرا..وعبئا ثقيلا ..فهو محصور فى أدنى حركة ..وسجين أقرب مقعد ..وملازم دائم لفراشه ..وصديق لآلامه التى كثيرا ما تخون عهد الصداقة ..فتقسو عليه بأكثر مما يحتمل البشر ..
وهكذا كانت أيامه التى يعدها بالثوانى والدقائق..من فرط ثقلها ..وغلظتها ..لكن ايمانه بالحياة لايكبره الا ايمان عميق بالله..
ايمانه هذا جعل ابتسامه هائمة على وجهه يرسلها كحمامة سلام لكل أحداث الحياة وشخوصها وأزمانها ,وأزماتها.وأحوالها ...فتربط بينه وبين أطراف الحياة برباط من ود ومحبة وتسامح .وتصالح مع النفس ومع الغير..وكأنه أسعد خلق الله ..وأيسرهم أمرا وأوفرهم حظا ..
كم ذهب محمولا الى الاختبارات الدراسية فى كل المراحل..وكم من الآلآم تعتصره..وتذيب كيانه ..ولكن أبدا لم يجعل أحدا من حوله يشعر بشئ من آلآمه ..ولا يعرف أحد كيف يخرج منتصرا على معانته ..وعلى اختباراته معا ..
كان من الأوائل بين أقرانه ..وكان بعض من أساتذته يملكون القدر الكافى من الحس الراقى الذى يقيم هذا النموذج الفريد من التجارب الانسانية...
هذه أستاذة له ..تفخر به بين طلابها ..وتعبر عن اعتزازها بأن مجهوده الخرافى جعله أهلا لأن يأخذ مكانه بين هيئة تدريس الكلية التى تخرج فيها ..
لكن آخرون افتقدوا كل القيم ..كان لهم رأى آخر ..واستأثروا بهذه المكانة لأتباعهم ..حتى لو كانوا أقل جدارة ..
واغتصب حق له فى وضح النهار ..
لكنه بعد ذلك ..ترشح ضمن أوائل المتخرجين للعمل بالتدريس فى احدى الادارات ..وقدم كافة أوراقه ..وكان من بين الذين تم تعيينهم ..
ذهب لاستلام العمل ..لاحظ أحدهم حالته الصحية ..تحدث معه ..أخبره صاحبنا أنه قدم من بين أوراقه ما يدل على حالته الصحية ..قال له الوظيفة لاتنطبق عليك ..
- لماذا ؟
- لأنك لست من الأسوياء.!
- وحقى فى المساواة بزملائى ؟
- أنت وأصحاب الاحتياجات والظروف الخاصة لكم نظام مختلف ..عن هؤلاء
- هل هذا النظام المختلف لى ومن مثلى..وضع ليقدم لنا ميزة باعتبار الظروف الخاصة بنا ..ويحقق التكافل الموجود فى المجتمعات البشرية أم ليحرمنا من حق ؟
- عليك الانتظار عديد من السنوات حتى يأتى دورك فى التعيين ..والعمل ..
- التضامن مع حالتى الصعبة وظروفى الخاصة لا تعترفون به ..فأين حق المساواة مع زملائى ..وتقدير المجتمع للمجتهدين والمتفوقين من أبنائه..والذى على أساسه كانت المسابقة التى تحصلت فيها على المراكز الأولى.؟
- هزة كتف..وزمة شفة ..ونظرة عين وضيعة ..كنظرة لص لئيم ..وتستطيع أن ترى كل الأحاسيس الانسانية وهى هالة مجمدة مقيدة ..ولكنها تنأى بذاتها عن هذا المسئول اللا مسئول ..وأمثاله ..ولك أن تتخيل قطرة من عرق انحدرت رغم ارادته على جبين..هو ساحة لفوضى انعدام الضمير وغياب العدالة..والفسادالأخلاقى...والتشوه الانسانى ...والظلم الذى بات متعة لدى مرضى النفوس والقلوب..
.
رأى صاحبنا هذا المشهد. المخزى .بوضوح..فأنهاه بالوقوف المؤلم ..ثم الانصراف..لكن ابتسامة فيها نبض الايمان ماتزال تشرق على وجهه..كما تشرق الشمس كل صباح على العالم الذى لم يبرأ يوما من سواد الظلم وعفن الفساد ...
غدا : الرقم الصعب..!!!
الحاج محمود صبح، جمال عبدالملك وشخص آخر
تعليق واحد
مشاركة